كان للأكاديميا والبحث العلمي النصيب الأكبر في قائمة التكريم الملكي في حفل عيد الاستقلال السادس والسبعين، حيث حصل كل من الدكتورة حنان ملكاوي والدكتور نهاد الموسى والدكتورة منى مشعل والدكتورة عبير البواب على وسام الملك عبدالله الثاني ابن الحسين للتميز، نظراً لعطائهم الأكاديمي وتميزهم البحثي، وفي هذه اللفتة الملكية إشارة واضحة لحرص جلالة الملك على تمييز الأكاديميين وتحفيزهم، كما ان لتكريم الأكاديميين والباحثين المتميزين في يوم الاستقلال دلالة على أن نهضة الأمم والشعوب واستقلال إرادتها لا تتحق إلا بنهضة علمية ومعرفية، وأن الاستقلال لا ينتهي بمجرد حصول الدولة على سيادتها ومغادرة المستعمر لأراضيها، فمنذ تلك اللحظة تبدأ مسيرة الاستقلال بالبناء والتنمية والتطوير والاعتماد على الذات.
إنَّ تكريم الباحثين والمبدعين من أساتذة الجامعات نهج وسياسة تحرص الكثير من الدول والمؤسسات على استدامتها وتعميمها، نظرا لإيمانها بدورهم الكبير ومساهمتهم في التنمية بمختلف أبعادها، حيث يتقدم تكريمهم على كافة المبدعين في مجالات العمل والإنجاز الأخرى، بل عمدت مؤسسات ومنظمات عديدة لإطلاق جوائز ودروع تكريمية على نطاق عالمي كجائزة نوبل، وفي سياق آخر تكرم الأمم والشعوب الأكاديميين والباحثين بوضعهم في صدارة المجتمع، والاعتماد عليهم في معظم الأوقات والمواقف احتراماً لمعارفهم وخبراتهم، ويعمل تكريم الأكاديميين بمختلف أشكاله على استدامة تقدمهم في العلوم والبحث العلمي، مما يدفعهم للحرص على الإستزادة المعرفية والسبق نحو التميز، وفي ذات الوقت لا ينساقون وراء ما يجذبهم خارج المجتمع الأكاديمي، ولا يسعون للإمتيازات التي قد تتاح لهم بعيدا عن جامعاتهم ومختبراتهم ومراكزهم البحثية، وقد يكون هذا الأمر هو السبب الحقيقي إلى جانب أسباب أخرى وراء تميز الأكاديميين في المجتمعات الغربية.
الكثير من الجامعات محليا لا تخصص جوائز دورية للباحثين المتميزين، ولا تعلن عن إنجازات الأكاديميين لديها، رغم أن جامعاتنا الأردنية تحتضن عدداً كبيراً من الباحثين والأكاديميين المتميزين، وقد يكون بعضهم حصل على جوائز عالمية وحظي بإشادة من مؤسسات دولية، في حين لم تلتفت إليهم إداراتهم الجامعية والمؤسسات الوطنية المهتمة بالتعليم والبحث العلمي.
بشكل مستمر نشهد تميزاً لباحثين وأكاديميين أردنيين، وسلسلة من التكريم والتحفيز الذي ياتي من خارج مؤسساتهم وجامعاتهم في الغالب، لذلك كان التكريم الملكي للأكاديميين والباحثين المتميزين بمثابة رسالة لجامعاتنا ومؤسساتنا الوطنية لترسيخ هذا النهج، وتوجيه الضوء نحو المبدعين والإشارة لإنجازاتهم، وتسهيل كافة السبل أمامهم لمزيد من التميز والإبداع، فهم ملح البلد، ومادة التنمية والتطور، وأساس السبق، والنهضة والاستقلال الحقيقي الذي ينجز رفاه الشعوب ويحقق مجد الأوطان.